لك على صدق ما تقول إن كنت من الصادقين يعني: إن كنت صادقا في أن الله تعالى بعثك إلينا رسولا وأنزل عليك كتابا، فإن الرب الذي فعل ما تقول بك لا يتعذر عليه إرسال ملك من ملائكته معك حجة لك علينا وآية لك على نبوتك وصدق مقالتك. والعرب تضع موضع لوما لولا، وموضع لولا لوما، من ذلك قول ابن مقبل:
لوما الحياء ولوما الدين عبتكما * ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري يريد: لولا الحياء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: نزل عليه الذكر قال: القرآن. القول في تأويل قوله تعالى:
(ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين) اختلفت القراء في قراءة قوله: ما ننزل الملائكة فقرأ عامة قراء المدينة والبصرة: ما تنزل الملائكة بالتاء تنزل وفتحها ورفع الملائكة، بمعنى: ما تنزل الملائكة، على أن الفعل للملائكة. وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة: ما ننزل الملائكة بالنون في ننزل وتشديد الزاي ونصب الملائكة، بمعنى: ما ننزلها نحن، والملائكة حينئذ منصوب بوقوع ننزل عليها. وقرأه بعض قراء أهل الكوفة: ما تنزل الملائكة برفع الملائكة والتاء في تنزل وضمها، على وجه ما لم يسم فاعله.
قال أبو جعفر: وكل هذ القراءات الثلاث متقاربات المعاني وذلك أن الملائكة إذا نزلها الله على رسول من رسله تنزلت إليه، وإذا تنزلت إليه فإنما تنزل بإنزال الله إياها إليه.
فبأي هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارئ فمصيب الصواب في ذلك، وإن كنت أحب لقارئه أن لا يعدو في قراءته إحدى القراءتين اللتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والأخرى