يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته يقول: فإذا صورته فعدلت صورته ونفخت فيه من روحي فصار بشرا حيا فقعوا له ساجدين سجود تحية وتكرمة لا سجود عبادة. وقد:
حدثني جعفر بن مكرم، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما خلق الله الملائكة قال: إني خالق بشرا من طين، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم. وخلق ملائكة أخرى، فقال: إني خالق بشرا من طين، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا، قال: فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم. ثم خلق ملائكة أخرى، فقال: إني خالق بشرا من طين، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم. ثم خلق ملائكة، فقال: إني خالق بشرا من طين، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا: سمعنا وأطعنا. إلا إبليس كان من الكافرين الأولين. القول في تأويل قوله تعالى:
(فسجد الملائكة كلهم أجمعون ئ إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين ئ قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين) يقول تعالى ذكره: فلما خلق الله ذلك البشر ونفخ فيه الروح بعد أن سواه، سجد الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس، فإنه أبى أن يكون مع الساجدين في سجودهم لآدم حين سجدوا، فلم يسجد له معهم تكبرا وحسدا وبغيا، فقال الله تعالى ذكره: يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين يقول: ما منعك من أن تكون مع الساجدين؟ ف " أن " في قول بعض نحويي الكوفة خفض، وفي قول بعض أهل البصرة نصب بفقد الخافض. القول في تأويل قوله تعالى:
(قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون ئ قال فاخرج منها فإنك رجيم ئ وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)