الامل عن الاخذ بحظهم من طاعة الله فيها وتزودهم لمعادهم منها بما يقربهم من ربهم، فسوف يعلمون غدا إذا وردوا عليه وقد هلكوا على كفرهم بالله وشركهم حين يعاينون عذاب الله أنهم كانوا من تمتعهم بما كانوا يتمتعون فيها من اللذات والشهوات كانوا في خسار وتباب. القول في تأويل قوله تعالى:
(وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) يقول تعالى ذكره: وما أهلكنا يا محمد من أهل قرية من أهل القرى التي أهلكنا أهلها فيما مضى، إلا ولها كتاب معلوم يقول: إلا ولها أجل مؤقت ومدة معروفة لا نهلكهم حتى يبلغوها، فإذا بلغوها أهلكناهم عند ذلك. فيقول لنبيه محمد (ص): فكذلك أهل قريتك التي أنت منها وهي مكة، لا نهلك مشركي أهلها إلا بعد بلوغ كتابهم أجله، لان من قضائي أن لا أهلك أهل قرية إلا بعد بلوغ كتابهم أجله. القول في تأويل قوله تعالى:
(ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) يقول تعالى ذكره: ما يتقدم هلاك أمة قبل أجلها الذي جعله الله أجلا لهلاكها، ولا يستأخر هلاكها عن الاجل الذي جعل لها أجلا. كما:
حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، في قوله: ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون قال: نرى أنه إذا حضر أجله فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدم. وأما ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء ويقدم ما شاء. القول في تأويل قوله تعالى:
(وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين).
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون لك من قومك يا محمد: يا أيها الذي نزل عليه الذكر وهو القرآن الذي ذكر الله فيه مواعظ خلقه، إنك لمجنون في دعائك إيانا إلى أن نتبعك ونذر آلهتنا. لوما تأتينا بالملائكة قالوا: هلا تأتينا بالملائكة شاهدة