المعنى: فلا تحسبن الله مخلف رسله وعده. فالوعد وإن كان مخفوضا بإضافة مخلف إليه، ففي معنى النصب، وذلك أن الاخلاف يقع على منصوبين مختلفين، كقول القائل:
كسوت عبد الله ثوبا، وأدخلته دارا. وإذا كان الفعل كذلك يقع على منصوبين مختلفين، جاز تقديم أيهما قدم، وخفض ما ولي الفعل الذي هو في صورة الأسماء ونصب الثاني، فيقال: أنا مدخل عبد الله الدار، وأنا مدخل الدار عبد الله، إن قدمت الدار إلى المدخل وأخرت عبد الله خفضت الدار، إذ أضيف مدخل إليها، ونصب عبد الله وإن قدم عبد الله إليه، وأخرت الدار، خفض عبد الله بإضافة مدخل إليه، ونصب الدار وإنما فعل ذلك كذلك، لان الفعل أعني مدخل يعمل في كل واحد منهما نصبا نحو عمله في الآخر ومنه قول الشاعر:
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه * وسائره باد إلى الشمس أجمع أضاف مدخل إلى الظل، ونصب الرأس وإنما معنى الكلام: مدخل رأسه الظل.
ومنه قول الآخر:
فرشني بخير لا أكون ومدحتي * كناحت يوم صخرة بعسيل والعسيل: الريشة جمع بها الطيب، وإنما معنى الكلام: كناحت صخرة يوما بعسيل، وكذلك قول الآخر:
رب ابن عم لسليمى مشمعل * طباخ ساعات الكرى زاد الكسل