حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) قال ذلك حين دعوا لله ولدا. وقال في آية أخرى: (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا).
حدثت عن الحسين، قال سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) في حرف ابن مسعود: (وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال) هو مثل قوله: (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) (2).
واختلفت القراء في قراءة قوله: (لتزول منه الجبال) فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والمدينة و العراق ما خلا الكسائي: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقرأه الكسائي: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) بفتح اللام الأولى ورفع الثانية على تأويل قراءة من قرأ ذلك:
(وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال) من المتقدمين الذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتد مكرهم حتى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه. وكان الكسائي يحدث عن حمزة، عن شبل عن مجاهد، أنه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) برفع تزول.
حدثني بذلك الحرث عن القاسم عنه.
والصواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإنما قلنا ذلك هو الصواب، لأن اللام الأولى إذا فتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتة، وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزل. وأخرى إجماع الحجة من القراء على ذلك، وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغيره.