حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قال الرسول لهم: ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم قالوا: ما نعلمه فينا ولا معنا. قال: لستم ببارحين حتى أفتش أمتعتكم وأعذر في طلبها منكم. فبدأ بأوعيتهم وعاء وعاء، يفتشها وينظر ما فيها، حتى مر على وعاء أخيه ففتشه، فاستخرجها منه، فأخذ برقبته، فانصرف به إلى يوسف. يقول الله: كذلك كدنا ليوسف.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: ذكر لنا أنه كان كلما بحث متاع رجل منهم استغفر ربه تأثما، قد علم أين موضع الذي يطلب. حتى إذا بقي أخوه وعلم أن بغيته فيه، قال: لا أرى هذا الغلام أخذه، ولا أبالي أن لا أبحث متاعه قال إخوته: إنه أطيب لنفسك وأنفسنا أن تستبرئ متاعه أيضا. فلما فتح متاعه استخرج بغيته منه قال الله: كذلك كدنا ليوسف.
واختلف أهل العربية في الهاء والألف اللتين في قوله: ثم استخرجها من وعاء أخيه فقال بعض نحويي البصرة: هي من ذكر الصواع، قال: وأنث وقد قال: ولمن جاء به حمل بعير لأنه عنى الصواع. قال: والصواع مذكر، ومنهم من يؤنث الصواع، وعني ههنا السقاية، وهي مؤنثة. قال: وهما اسمان لواحد مثل الثوب والملحفة مذكر ومؤنث لشئ واحد.
وقال بعض نحويي الكوفة في قوله: ثم استخرجها من وعاء أخيه ذهب إلى تأنيث السرقة، قال: وإن يكن الصواع في معنى الصاع، فلعل هذا التأنيث من ذلك.
قال: وإن شئت جعلته لتأنيث السقاية. قال: والصواع ذكر، والصاع يؤنث ويذكر، فمن أنثه قال: ثلاث أصوع، مثل ثلاث أدور، ومن ذكره قال: أصواع، مثل أبواب.
وقال آخر منهم: إنما أنث الصواع حين أنث لأنه أريدت به السقاية وذكر حين ذكر، لأنه أريد به الصواع. قال: وذلك مثل الخوان والمائدة، وسنان الرمح و عاليته، وما أشبه ذلك من الشئ الذي يجتمع فيه اسمان: أحدهما مذكر، والآخر مؤنث.
وقوله: كذلك كدنا ليوسف يقول: هكذا صنعنا ليوسف حتى يخلص أخاه لأبيه وأمه من إخوته لأبيه، بإقرار منهم أن له أن يأخذه منهم ويحتبسه في يديه ويحول بينه وبينهم وذلك أنهم قالوا إذ قيل لهم ما جزاؤه إن كنتم كاذبين: جزاء من سرق الصواع