والصواب من القول في ذلك ما ثبت به الخبر عن رسول الله (ص) في ذلك، وهو أن معناه: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وذلك تثبيته إياهم في الحياة الدنيا بالايمان بالله وبرسوله محمد (ص)، وفي الآخرة بمثل الذي ثبتهم به في الحياة الدنيا، وذلك في قبورهم حين يسألون عن الذي هم عليه من التوحيد والايمان برسوله (ص).
وأما قوله: ويضل الله الظالمين فإنه يعني أن الله لا يوفق المنافق والكافر في الحياة الدنيا وفي الآخرة عند المسألة في القبر لما هدي له من الايمان المؤمن بالله ورسوله (ص).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أما الكافر فتنزل الملائكة إذا حضره الموت، فيبسطون أيديهم والبسط: هو الضرب يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت. فإذا أدخل قبره أقعد، فقيل له: من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئا، وأنساه الله ذكر ذلك، وإذا قيل له: من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ولم يرجع إليه شيئا. يقول: ويضل الله الظالمين.
حدثني المثنى، قال: ثنا فهد بن عوف أبو ربيعة، قال: ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء، قال: قال رسول الله (ص)، وذكر الكافر حين تقبض روحه، قال: فتعاد روحه في جسده، قال: فيأتيه ملكان شديدا الانتهار، فيجلسانه فينتهرانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: لا أدري، قال: فيقولان له:
ما دينك؟ فيقول: لا أدري، قال: فيقال له: ما هذا النبي الذي بعث فيكم؟ قال: فيقول:
سمعت الناس يقولون ذلك، لا أدري، قال: فيقولان: لا دريت قال: وذلك قول الله ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء.
وقوله: ويفعل الله ما يشاء يعني تعالى ذكره بذلك: وبيد الله الهداية والاضلال، فلا تنكروا أيها الناس قدرته ولا اهتداء من كان منكم ضالا ولا ضلال من كان منكم مهتديا، فإن بيده تصريف خلقه وتقليب قلوبهم، يفعل فيها ما يشاء. القول في تأويل قوله تعالى: