ما شاء. وكان يعقوب حين ولد له يوسف، كان قد حضنته عمته، فكان معها وإليها، فلم يحب أحد شيئا من الأشياء حبها إياه. حتى إذا ترعرع وبلغ سنوات، ووقعت نفس يعقوب عليه، أتاها فقال: يا أخية سلمي إلي يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة!
فقالت: والله ما أنا بتاركته، والله ما أقدر أن يغيب عني ساعة قال: فوالله ما أنا بتاركه!
قالت: فدعه عندي أياما أنظر إليه وأسكن عنه، لعل ذلك يسليني عنه أو كما قالت. فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن أصابها فالتمست، ثم قالت:
اكشفوا أهل البيت فكشفوهم، فوجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لسلم أصنع فيه ما شئت. قال: وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل ذلك فهو سلم لك، ما أستطيع غير ذلك. فأمسكته فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت. قال: فهو الذي تقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل قال ابن حميد قال ابن إسحاق لما رأى بنو يعقوب ما صنع أخوة يوسف، ولم يشكوا أنه سرق، قالوا أسفا عليهم لما دخل عليهم في أنفسهم تأنيبا له: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل. فلما سمعها يوسف قال أنتم شر مكانا سرا في نفسه ولم يبدها لهم والله أعلم بما تصفون وقوله: فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون يعني بقوله: فأسرها: فأضمرها، وقال: فأسرها فأنث، لأنه عنى بها الكلمة، وهي: أنتم شر مكانا، والله أعلم بما تصفون، ولو كانت جاءت بالتذكير كان جائزا، كما قيل: تلك من أنباء الغيب وذلك من أنباء القرى، وكني عن الكلمة ولم يجر لها ذكر متقدم، والعرب تفعل ذلك كثيرا، إذا كان مفهوما المعنى المراد عند سامعي الكلام. وذلك نظير قول حاتم الطائي: