فرش الجنة مظاهرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، ليس في الجنة لون إلا وهو فيهما، ولا ريح طيبة إلا قد عبقتا به، ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة، حتى يظن من يراهما أنهما من دون القبة، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صحابته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل، ويرى هو لهما مثل ذلك. ثم يدخل إليهما فيحييانه ويقبلانه ويعانقانه، ويقولان له: والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا علي بن جرير، عن حماد، قال: شجرة في الجنة في دار كل مؤمن غصن منها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن حسان بن أبي الأشرس، عن مغيث بن سمي قال: طوبى: شجرة في الجنة لو أن رجلا ركب قلوصا جذعا أو جذعة، ثم دار بها لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هرما. وما من أهل الجنة منزل إلا فيه غصن من أغصان تلك الشجرة متدل عليهم، فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلى إليهم فيأكلون منه ما شاءوا، ويجئ الطير فيأكلون منه قديدا وشواء ما شاءوا، ثم يطير.
وقد روي عن رسول الله (ص) خبر بنحو ما قال من قال هي شجرة. ذكر الرواية بذلك:
حدثني سليمان بن داود القومسي، قال: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع، قال:
ثنا معاوية بن سلام، عن زيد، أنه سمع أبا سلام، قال: ثنا عامر بن زيد البكالي، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله (ص)، فقال: يا رسول الله، إن في الجنة فاكهة؟ قال: نعم، فيها شجرة تدعى طوبى، هي تطابق الفردوس. قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: ليست تشبه شيئا من شجر أرضك، ولكن أتيت الشام؟ فقال: لا يا رسول الله، فقال: فإنها تشبه شجرة تدعى الجوزة، تنبت على ساق واحدة ثم ينتشر أعلاها قال: ما عظم أصلها؟ قال: لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرما.