ابتداؤه يوم نزلت براءة، وانقضاؤه انقضاء الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم. ذكر من قال ذلك:
12722 - حدثنا محمد بن الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: فسيحوا في الأرض أربعة أشهر قال: نزلت في شوال، فهذه الأربعة الأشهر:
شوال، وذو القعدة، وذو الحجة والمحرم.
وقال آخرون: إنما كان تأجيل الله الأشهر الأربعة المشركين في السياحة لمن كان بينه وبين رسول الله (ص) عهد مدته أقل من أربعة أشهر، أما من كان له عهد مدته أكثر من أربعة أشهر فإنه أمر (ص) أن يتم له عهده إلى مدته. ذكر من قال ذلك:
12723 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال:
قال الكلبي: إنما كانت الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله (ص) عهد دون الأربعة الأشهر، فأتم له الأربعة. ومن كان له عهدا أكثر من أربعة أشهر فهو الذي أمر أن يتم له عهده، وقال: أتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم.
قال أبو جعفر رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الاجل الذي جعله الله لأهل العهد من المشركين وأذن لهم بالسياحة فيه بقوله: فسيحوا في الأرض أربعة أشهر إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله (ص) ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا عليه، فإن الله جل ثناؤه أمر نبيه (ص) بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله: إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين.
فإن ظن ظان أن قول الله تعالى ذكره: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم يدل على خلاف ما قلنا في ذلك، إذ كان ذلك ينبئ عن أن الفرض على المؤمنين كان بعد انقضاء الأشهر الحرم قتل كل مشرك، فإن الامر في ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الآية التي تتلو ذلك تنبئ عن صحة ما قلنا وفساد ما ظنه من ظن أن انسلاخ الأشهر الحرم كان يبيح قتل كل مشرك كان له عهد من رسول الله (ص) أو لم يكن له منه عهد، وذلك قوله: كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم