عهد رسول الله (ص) على ثلاث منازل. منهم المؤمن المهاجر المباين لقومه في الهجرة، خرج إلى قوم مؤمنين في ديارهم وعقارهم وأموالهم، وآووا ونصروا وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة، وشهروا السيوف على من كذب وجحد، فهذان مؤمنان جعل الله بعضهم أولياء بعض، فكانوا يتوارثون بينهم إذا توفي المؤمن المهاجر ورثه الأنصاري بالولاية في الدين، وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر. فبرأ الله المؤمنين المهاجرين من ميراثهم، وهي الولاية التي قال الله: ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وكان حقا على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قاتلوا إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي (ص) ميثاق، فلا نصر لهم عليهم إلا على العدو الذين لا ميثاق لهم. ثم أنزل الله بعد ذلك أن ألحق كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين هاجروا والذين آمنوا ولم يهاجروا، فجعل لكل انسان من المؤمنين نصيبا مفروضا بقوله: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شئ عليم، وبقوله: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.
12691 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الثلاث الآيات خواتيم الأنفال فيهن ذكر ما كان من ولاية رسول الله (ص) بين مهاجري المسلمين وبين الأنصار في الميراث، ثم نسخ ذلك آخرها:
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شئ عليم.
12692 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، قوله: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا... إلى قوله: بما تعملون بصير قال: بلغنا أنها كانت في الميراث لا يتوارث المؤمنون الذين هاجروا والمؤمنون الذين لم يهاجروا، قال: ثم نزل بعد: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شئ عليم فتوارثوا ولم يهاجروا. قال ابن جريج، قال مجاهد: خواتيم الأنفال الثلاث الآيات فيهن ذكر ما كان والي رسول الله (ص) بين المهاجرين المسلمين وبين الأنصار في الميراث، ثم نسخ ذلك آخرها: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.