الحرب، إما بالدخول في الاسلام، وإما بإعطاء الجزية، وإما بموادعة، ونحو ذلك من أسباب السلم والصلح فاجنح لها يقول: فمل إليها، وابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك وسألوكه. يقال منه: جنح الرجل إلى كذا يجنح إليه جنوحا، وهي لتميم وقيس فيما ذكر عنها، تقول: يجنح بضم النون. وآخرون: يقولون: يجنح بكسر النون، وذلك إذا مال، ومنه قول نابغة بني ذبيان:
جوانح قد أيقن أن قبيله * إذا ما التقى الجمعان أول غالب جوانح: موائل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12610 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وإن جنحوا للسلم قال: للصلح. ونسخها قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.
12611 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وإن جنحوا للسلم إلى الصلح فاجنح لها قال: وكانت هذه قبل براءة، كان نبي الله (ص) يوادع القوم إلى أجل، فإما أن يسلموا وإما أن يقاتلوا، ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال:
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال: قاتلوا المشركين كافة ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمره بقتالهم حتى يقولوا لا إله إلا الله ويسلموا، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك، وكل عهد كان في هذه السورة وفي غيرها، وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به فإن براءة جاءت بنسخ ذلك، فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: لا إله إلا الله.