وقوله: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لو أنفقت يا محمد ما في الأرض جميعا من ذهب وورق وعرض، ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيلك، ولكن الله جمعها على الهدى، فأتلفت واجتمعت تقوية من الله لك وتأييدا منه ومعونة على عدوك. يقول جل ثناؤه: والذي فعل ذلك وسببه لك حتى صاروا لك أعوانا وأنصارا ويدا واحدة على من بغاك سوءا هو الذي إن رام عدو منك مراما يكفيك كيده وينصرك عليه، فثق به وامض لامره وتوكل عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12621 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وألف بين قلوبهم قال: هؤلاء الأنصار ألف بين قلوبهم من بعد حرب فيما كان بينهم.
12622 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن بشير بن ثابت رجل من الأنصار، أنه قال في هذه الآية: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم يعني الأنصار.
12623 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وألف بين قلوبهم على الهدى الذي بعثك به إليهم. لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم بدينه الذي جمعهم عليه، يعني الأوس والخزرج.
12624 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن إبراهيم الجزري، عن الوليد بن أبي مغيث، عن مجاهد قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما. قال: قلت لمجاهد: بمصافحة يغفر لهما؟ فقال مجاهد: أما سمعته يقول: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم؟ فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني.
12625 - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثني الوليد، عن أبي عمرو، قال:
ثني عبدة بن أبي لبابة، عن مجاهد، ولقيته وأخذ بيدي، فقال: إذا تراءى المتحابان في الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه، تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر. قال عبدة: فقلت له: إن هذا ليسير قال: لا تقل ذلك، فإن الله يقول: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم. قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني.