وذلك قريب لمعنى ما قلنا، لأنهم قعدوا بعده على الخلاف له.
وقوله: وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يقول تعالى ذكره:
وكره هؤلاء المخلفون أن يغزوا الكفار بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يعني: في دين الله الذي شرعه لعباده لينصروه، ميلا إلى الدعة والخفض، وإيثارا للراحة على التعب والمشقة، وشحا بالمال أن ينفقوه في طاعة الله. وقالوا لا تنفروا في الحر وذلك أن النبي (ص) استنفرهم إلى هذه الغزوة، وهي غزوة تبوك في حر شديد، فقال المنافقون بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر فقال الله لنبيه محمد (ص): قل لهم يا محمد نار جهنم التي أعدها الله لمن خالف أمره وعصى رسوله، أشد حرا من هذا الحر الذي تتواصون بينكم أن لا تنفروا فيه. يقول: الذي هو أشد حرا أحرى أن يحذر ويتقي من الذي هو أقلهما أذى.
لو كانوا يفقهون يقول: لو كان هؤلاء المنافقون يفقهون عن الله وعظه ويتدبرون آي كتابه، ولكنهم لا يفقهون عن الله، فهم يحذرون من الحر أقله مكروها وأخفه أذى، ويوافقون أشده مكروها وأعظمه على من يصلاه بلاء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13240 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله... إلى قوله: يفقهون، وذلك أن رسول الله (ص) أمر الناس أن ينبعثوا معه، وذلك في الصيف، فقال رجال: يا رسول الله، الحر شديد ولا نستطيع الخروج، فلا تنفر في الحر فقال الله:
قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فأمره الله بالخروج.
13241 - حدثنا محمد بن الأعلى، قال ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (بمقعدهم خلاف رسول الله) قال: غزوة تبوك.
13242 - حدثني الحرث قال: ثنا عبد العزيز قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي وغيره، قالوا: خرج رسول الله (ص) في حر شديد إلى تبوك، فقال رجل من بني سلمة: لا تنفروا في الحر فأنزل الله: قل نار جهنم... الآية.
13243 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر قول