فقال له: بورك لك فيما أعطيت وفيما أمسكت فقال المنافقون: ما أعطي إلا رياء، وما أعطى صاحب الصاع إلا رياء، إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا وما يصنع الله بصاع من شئ؟
13233 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات... إلى قوله: ولهم عذاب أليم قال: أمر النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين أن يتصدقوا، فقام عمر بن الخطاب فألقى مالا وافرا، فأخذ نصفه قال: فجئت أحمل مالا كثيرا، فقال له رجل من المنافقين: ترائي يا عمر؟ فقال عمر: أرائي الله ورسوله، وأما غيرهما فلا. قال: ورجل من الأنصار لم يكن عنده شئ، فآجر نفسه ليجر الجرير على رقبته بصاعين ليلته، فترك صاعا لعياله وجاء بصاع يحمله، فقال له بعض المنافقين: إن الله ورسوله عن صاعك لغنيان فذلك قول الله تبارك وتعالى: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم هذا الأنصاري، فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم.
وقد بينا معنى اللمز في كلام العرب بشواهده وما فيه من اللغة والقراءة فيما مضى وأما قوله: المطوعين فإن معناه: المتطوعين، أدغمت التاء في الطاء، فصارت طاء مشددة، كما قيل: ومن يطوع خيرا يعني يتطوع. وأما الجهد فإن للعرب فيه لغتين، يقال:
أعطاني من جهده بضم الجيم، وذلك فيما ذكر لغة أهل الحجاز، ومن جهد بفتح الجيم، وذلك لغة نجد. وعلى الضم قراءة الأمصار، وذلك هو الاختيار عندنا لاجماع الحجة من القراء عليه. وأما أهل العلم بكلام العرب من رواة الشعر وأهل العربية، فإنهم يزعمون أنها مفتوحة ومضمومة بمعنى واحد. وإنما اختلاف ذلك لاختلاف اللغة فيه كما اختلفت لغاتهم في الوجد والوجد بالضم والفتح من وجدت.
وروي عن الشعبي في ذلك ما:
13234 - حدثنا أبو كريب. قال: ثنا جابر بن نوح، عن عيسى بن المغيرة، عن الشعبي، قال: الجهد في العمل، والجهد في القوت.
* - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص، عن عيسى بن المغيرة، عن الشعبي، مثله.