يقول تعالى ذكره: فبشر هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا يخرجون حقوق الله منها يا محمد بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فاليوم من صلة العذاب الأليم، كأنه قيل: يبشرهم بعذاب أليم يعذبهم الله به في يوم يحمى عليها. ويعني بقوله:
يحمى عليها تدخل النار فيوقد عليها أي على الذهب والفضة التي كنزوها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، وكل شئ أدخل النار فقد أحمي إحماء، يقال منه: أحميت الحديدة في النار أحميها إحماء. وقوله: فتكوى بها جباههم يعني بالذهب والفضة المكنوزة. يحمى عليها في نار جهنم يكوي الله بها، يقول: يحرق الله جباه كانزيها وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم ومعناه: ويقال لهم: هذا ما كنزتم في الدنيا أيها الكافرون الذين منعوا كنوزهم من فرائض الله الواجبة فيها لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون يقول: فيقال لهم: فأطعموا عذاب الله بما كنتم تمنعون من أموالكم حقوق الله وتكنزونها مكاثرة ومباهاة. وحذف من قوله هذا ما كنزتم ويقال لهم لدلالة الكلام عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12953 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن حميد بن هلال، قال: كان أبو ذر يقول: بشر الكنازين بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي في الظهور، حتى يلتقي الحر في أجوافهم.
12954 - قال: ثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن الأحنف بن قيس، قال: قدمت المدينة، فبينا أنا في حلقة فيها ملا من قريش إذ جاء رجل خشن الثياب، خشن الجسد، خشن الوجه، فقام عليهم، فقال: بشر الكنازين برضف يحمى عليه في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل قال: فوضع القوم رؤوسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا. قال: وأدبر فاتبعته، حتى جلس إلى سارية،