وفي نظائر ذلك من الاخبار التي كرهنا الإطالة بذكرها الدلالة الواضحة على أن الوعيد إنما هو من الله على الأموال التي لم تؤد الوظائف المفروضة فيها لأهلها من الصدقة، لا على اقتنائها واكتنازها.
وفيما بينا من ذلك البيان الواضح على أن الآية لخاص كما قال ابن عباس، وذلك ما:
12948 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يقول: هم أهل الكتاب، وقال: هي خاصة وعامة.
يعني بقوله: هي خاصة وعامة هي خاصة من المسلمين فيمن لم يؤد زكاة ماله منهم، وعامة في أهل الكتاب لأنهم كفار لا تقبل منهم نفقاتهم إن أنفقوا.
يدل على صحة ما قلنا في تأويل قول ابن عباس هذا ما:
12949 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها... إلى قوله: هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون قال: هم الذين لا يؤدون زكاة أموالهم. قال: وكل مال لا تؤدى زكاته كان على ظهر الأرض أو في بطنها فهو كنز، وكل مال تؤدى زكاته فليس بكنز كان على ظهر الأرض أو في بطنها.
12950 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
والذين يكنزون الذهب والفضة قال: الكنز: ما كنز عن طاعة الله وفريضته، وذلك الكنز. وقال: افترضت الزكاة والصلاة جميعا لم يفرق بينهما.
وإنما قلنا ذلك على الخصوص، لان الكنز في كلام العرب: كل شئ مجموع بعضه على بعض في بطن الأرض كان أو على ظهرها، يدل على ذلك قول الشاعر:
لا در درى إن أطعمت نازلهم * قرف الحتي وعندي البر مكنوز