يعني بذلك: وعند البر مجموع بعضه على بعض، وكذلك تقول العرب للبدن المجتمع: مكتنز لانضمام بعضه إلى بعض. وإذا كان ذلك معنى الكنز عندهم، وكان قوله:
والذين يكنزون الذهب والفضة معناه: والذين يجمعون الذهب والفضة بعضها إلى بعض، ولا ينفقونها في سبيل الله وهو عام في التلاوة، لم يكن في الآية بيان كم ذلك القدر من الذهب والفضة الذي إذا جمع بعضه إلى بعض استحق الوعيد كان معلوما أن خصوص ذلك إنما أدرك بوقف الرسول عليه، وذلك كما بينا من أنه المال الذي لم يؤد حق الله منه من الزكاة دون غيره لما قد أوضحنا من الدلالة على صحته.
وقد كان بعض الصحابة يقول: هي عامة في كل كنز، غير أنها خاصة في أهل الكتاب وإياهم عنى الله بها. ذكر من قال ذلك:
12951 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا حصين عن زيد بن وهب، قال: مررت بالربذة، فلقيت أبا ذر، فقلت: يا أبا ذر، ما أنزلك هذه البلاد؟ قال: كنت بالشأم، فقرأت هذه الآية: والذين يكنزون الذهب والفضة...
الآية، فقال معاوية: ليست هذه الآية فينا، إنما هذه الآية في أهل الكتاب. قال: فقلت إنها لفينا وفيهم. قال: فارتفع في ذلك بيني وبينه القول، فكتب إلى عثمان يشكوني، فكتب إلي عثمان: أن أقبل إلي قال: فأقبلت فلما قدمت المدينة ركبني الناس كأنهم لم يروني قبل يومئذ، فشكوت ذلك إلى عثمان، فقال لي: تنح قريبا قلت: والله إلى لن أدع ما كنت أقول.
* - حدثنا أبو كريب وأبو السائب وابن وكيع، قالوا: ثنا ابن إدريس، قال ثنا حصين، عن زيد بن وهب، قال: مررنا بالربذة، ثم ذكر عن أبي ذر نحوه.
12952 - حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن أشعث، وهشام، عن أبي بشر، قال: قال أبو ذر: خرجت إلى الشام فقرأت هذه الآية: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فقال معاوية: إنما هي في أهل الكتاب، قال: فقلت:
إنها لفينا وفيهم.
* - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب، قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر، قال: قلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: