رجع العلماء أخبروا بشأن عزير، فاستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا دفنوها من التوراة في الجبال، وكانت في خواب مدفونة، فعارضوها بتوراة عزير فوجدوها مثلها، فقالوا: ما أعطاك الله هذا إلا أنك ابنه.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: وقالت اليهود عزير ابن الله لا ينونون عزيرا. وقرأه بعض المكيين والكوفيين: عزير ابن الله بتنوين عزير. قال: هو اسم مجرى وإن كان أعجميا لخفته، وهو مع ذلك غير منسوب إلى الله، فيكون بمنزلة قول القائل: زيد بن عبد الله، وأوقع الابن موقع الخبر، ولو كان منسوبا إلى الله لكان الوجه فيه إذا كان الابن خبرا:
الاجراء والتنوين، فكيف وهو منسوب إلى غير أبيه. وأما من ترك تنوين عزير، فإنه لما كانت الباء من ابن ساكنة مع التنوين الساكن والتقى ساكنان فحذف الأول منهما استثقالا لتحريكه، قال الراجز:
لتجدني بالأمير برا * وبالقناة مدعسا مكرا إذا غطيف السلمي فرا فحذف النون للساكن الذي استقبلها.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ: عزير ابن الله بتنوين عزير لان العرب لا تنون الأسماء إذا كان الابن نعتا للاسم، كقولهم: هذا زيد بن عبد الله، فأرادوا الخبر عن عزير بأنه ابن الله، ولم يريدوا أن يجعلوا الابن له نعتا. والابن في هذا الموضع خبر لعزير، لان الذين ذكر الله عنهم أنهم قالوا ذلك، إنما أخبروا عن عزير أنه كذلك، وإن كانوا بقيلهم ذلك كانوا كاذبين على الله مفترين. وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل يعني قول اليهود: عزير ابن الله. يقول: نسبة قول هؤلاء في الكذب على الله والفرية عليه ونسبتهم المسيح إلى أنه لله ابن ككذب اليهود وفريتهم على الله في نسبتهم عزير إلى أنه لله ابن، ولا ينبغي أن يكون لله ولد سبحانه، بل له ما في السماوات والأرض، كل له قانتون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: