حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *... إلى آخر الآية، قال: جاء حيى بن أخطب إلى المشركين، فقالوا له: يا حيي إنكم أصحاب كتب، فنحن خير أم محمد وأصحابه؟
فقال: أنتم خير منه. فذلك قوله: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *... إلى قوله: * (ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) *. ثم قال للمشركين: * (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) * فقرأ حتى بلغ: * (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) * رسول الله (ص) وأصحابه * (فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) *. قال: ووعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم، ولم يعد أولئك، وقرأ: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) *.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله: * (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) * قال: قالت قريش: لن نبعث ولن نعذب.
وقال آخرون: عني به أهل الكتاب خاصة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي أسيد، قال: سمعت الضحاك يقول: * (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) *... الآية، قال: نزلت في أهل الكتاب حين خالفوا النبي (ص).
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك، ما قال مجاهد من أنه عنى بقوله: * (ليس بأمانيكم) * مشركي قريش. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآي قبل قوله: * (ليس بأمانيكم) * وإنما جرى ذكر أماني نصيب الشيطان المفروض، وذلك في قوله: * (ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام) * وقوله: * (يعدهم ويمنيهم) * فإلحاق معنى قوله: * (ليس بأمانيكم) * بما قد جري ذكره قبل أحق وأولى من ادعاء تأويل فيه، لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا أثر عن الرسول (ص)، ولا أجماع من أهل التأويل. وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية إذن: ليس الامر بأمانيكم يا معشر أولياء الشيطان وحزبه التي يمنيكموها وليكم عدوا لله من إنقاذكم ممن أرادكم