فأخبره، ففزع لذلك فزعا شديدا، فسار إليهم عدو ممن حولهم، فأمر ابنيه أن يخرجا بالناس فيقاتلا ذلك العدو فخرجا وأخرجا معهما التابوت الذي كان فيه اللوحان وعصا موسى لينصروا به. فلما تهيئوا للقتال هم وعدوهم، جعل عيلي يتوقع الخبر ماذا صنعوا، فجاءه رجل يخبره وهو قاعد على كرسيه أن ابنيك قد قتلا، وأن الناس قد انهزموا. قال:
فما فعل التابوت؟ قال: ذهب به العدو. قال: فشهق ووقع على قفاه من كرسيه فمات.
وذهب الذين سبوا التابوت حتى وضعوه في بيت آلهتهم ولهم صنم يعبدونه، فوضعوه تحت الصنم والصنم من فوقه، فأصبح من الغد والصنم تحته وهو فوق الصنم. ثم أخذوه فوضعوه فوقه وسمروا قدميه في التابوت، فأصبح من الغد قد تقطعت يدا الصنم ورجلاه، وأصبح ملقى تحت التابوت فقال بعضهم لبعض: قد علمتم أن إله بني إسرائيل لا يقوم له شئ، فأخرجوه من بيت آلهتكم فأخرجوا التابوت فوضعوه في ناحية من قريتهم، فأخذ أهل تلك الناحية التي وضعوا فيها التابوت وجع في أعناقهم، فقالوا: ما هذا؟ فقالت لهم جارية كانت عندهم من سبي بني إسرائيل: لا تزالون ترون ما تكرهون ما كان هذا التابوت فيكم، فأخرجوه من قريتكم قالوا: كذبت قالت: إن آية ذلك أن تأتوا ببقرتين لهما أولاد لم يوضع عليهما نير قط، ثم تضعوا وراءهم العجل، ثم تضعوا التابوت على العجل، وتسير وهما، وتحبسوا أولادهما فإنهما تنطلقان به مذعنين، حتى إذا خرجتا من أرضكم ووقعتا في أرض بني إسرائيل، كسرتا نيرهما، وأقبلتا إلى أولادهما ففعلوا ذلك فلما خرجتا من أرضهم ووقعتا في أدنى أرض بني إسرائيل، كسرتا نيرهما، وأقبلتا إلى أولادهما، ووضعتاه في خربة فيها حضار من بني إسرائيل. ففزع إليه بنو إسرائيل وأقبلوا إليه، فجعل لا يدنو منه أحد إلا مات، فقال لهم نبيهم شمويل: اعترضوا، فمن آنس من نفسه قوة فليدن منه فعرضوا عليه الناس، فلم يقدر أحد يدنو منه، إلا رجلان من بني إسرائيل أذن لهما بأن يحملاه إلى بيت أمهما، وهي أرملة، فكان في بيت أمهما حتى ملك طالوت، فصلح أمر بني إسرائيل مع شمويل.
* - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قال: قال شمويل لبني إسرائيل لما قالوا له: أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم وإن آية ملكه: وإن تمليكه من قبل الله أن يأتيكم التابوت، فيرد عليكم الذي فيه من السكينة، وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، وهو الذي كنتم تهزمون به من