3158 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج قال: قال ابن جريج في قوله: وإذا تولى قال: إذا غضب.
فمعنى الآية: وإذا خرج هذا المنافق من عندك يا محمد غضبان عمل في الأرض بما حرم الله عليه، وحاول فيها معصية الله، وقطع الطريق، وإفساد السبيل على عباد الله، كما قد ذكرنا آنفا من فعل الأخنس بن شريق الثقفي الذي ذكر السدي أن فيه نزلت هذه الآية من إحراقه زرع المسلمين وقتله حمرهم. والسعي في كلام العرب العمل، يقال منه: فلان يسعى على أهله، يعني به يعمل فيما يعود عليهم نفعه ومنه قول الأعشى:
وسعى لكندة سعي غير مواكل * قيس فضر عدوها ونبالها يعني بذلك: عمل لهم في المكارم. وكالذي قلنا في ذلك كان مجاهد يقول.
3159 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله وإذا تولى سعى قال: عمل.
واختلف أهل التأويل في معنى الافساد الذي أضافه الله عز وجل إلى هذا المنافق، فقال بعضهم: تأويله ما قلنا فيه من قطعه الطريق وإخافته السبيل، كما قد ذكرنا قبل من فعل الأخنس بن شريق.
وقال بعضهم: بل معنى ذلك قطع الرحم وسفك دماء المسلمين. ذكر من قال ذلك:
3160 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: سعى في الأرض ليفسد فيها قطع الرحم، وسفك الدماء، دماء المسلمين، فإذا قيل: لتفعل كذا وكذا؟ قال أتقرب به إلى الله عز وجل.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وصف هذا المنافق بأنه إذا تولى مدبرا عن رسول الله (ص) عمل في أرض الله بالفساد. وقد يدخل في الافساد جميع المعاصي، وذلك أن العمل بالمعاصي إفساد في الأرض، فلم يخصص الله وصفه ببعض معاني الافساد دون بعض. وجائز أن يكون ذلك الافساد منه كان بمعنى قطع الطريق، وجائز أن يكون غير ذلك، وأي ذلك كان منه فقد كان إفسادا في الأرض، لان ذلك منه لله عز وجل معصية. غير أن الأشبه بظاهر التنزيل أن يكون كان يقطع الطريق، ويخيف السبيل، لان الله