... عن أبي هريرة قلت له: أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته!
... عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عمر حبس ثلاثة ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري فقال قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن علية عن رجاء بن سلمة قال: بلغني أن معاوية كان يقول عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر فإنه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
والذهبي كما ترى يؤكد على جانب واحد هو أن الخليفة أبا بكر وعمر ما عملا الذي عملاه من إحراق أحاديث النبي صلى الله عليه وآله ومحوها، ومنع الناس من كتابتها، ومنع الصحابة من تحديث الناس عن نبيهم.. إلا من أجل الحفاظ على سلامة سنة النبي وبقائها ووصولها إلى الأجيال!
وقد شحن كلامه بتأجيج عاطفة الحب التي تربى عليها إخواننا السنيون للخليفة عمر، وعلى تحريك بغضهم الذي تربوا عليه لأولئك الرافضة الذين لا يقبلون هذه الأعذار، ولا يدركون أسرار الحكمة في عمل الخليفة المسدد من الله تعالى في كل أقواله وأفعاله!!
لكن بقطع النظر عن الكلام العاطفي: هل يكون موقف الذهبي والذهبيين نفس الموقف إذا وجدوا في تاريخ الأنبياء السابقين أن أحد الحكام بعد إبراهيم أو بعد موسى أو بعد سليمان عليهم السلام قد منع أمته من تدوين أحاديثه وروايتها؟!
بل ما هو موقفهم لو أن عثمان أو عليا أو حاكما مسلما بعد عمر، منع من رواية أحاديث عمر وسيرته وفتاواه، وعاقب على ذلك بحجة المحافظة على صحتها وسلامتها ووصولها إلى الأجيال؟!
وهل سمعتم في التاريخ أن أصحاب نبي منعوا من رواية سنته وتدوينها من شدة حرصهم على سنته وسيرته.. حتى ضاع ما ضاع منها واختلط صحيحها بمكذوبها؟!
أو سمعتم أن ولدا من شدة محافظته على جواهر أبيه وحرصا منه على إيصالها سالمة إلى أولاده من بعده.. أخفى مكانها ولم يخبر به أحدا.. حتى مات وضاع ما ضاع منها، وحصل ما حصل منها غير سليم؟!