الرواية: هو الأمر بتقليل الحديث عن النبي وعدم إشغال الناس عن القرآن بحديث النبي.. ولكن قرظة صرح في آخر الرواية بأن الخليفة نهاهم عن الحديث ومنعهم منه منعا باتا، لكي لا يشغلوا الناس به عن القرآن!
والظاهر أن مقصود الخليفة من قوله المعروف عنه (جردوا القرآن) أن الحديث يشغل عن القرآن، ولذلك يجب التركيز على القرآن دون الحديث!
ومعنى يشغل عنه: أنه يلحق ضررا بقراءته، لأن الحديث يأخذ وقت طلبة العلم والمسلمين، فلا يبقى لهم وقت لقراءة القرآن. أو أنه يلحق ضررا بفهمهم للقرآن لأنه يشوش معانيه في أذهانهم، بسبب الاختلاف الموجود بين الصحابة في نقل الأحاديث مثلا.
فمقصود الخليفة أما إن يكون ضرورة التوازن في صرف المسلمين لأوقاتهم بين القرآن والسنة، وإما الحفاظ على فهمهم للقرآن وعدم تشويشه.. ولكن كيف يكون ترك تحديث المسلمين علاجا لواحد المعنيين أو المشكلتين؟!
فمسألة الوقت - على أنها بعيدة عن قصد الخليفة - علاجها بتوجيه قسم من المسلمين إلى الاهتمام بالقرآن وتعليمه، وقسم آخر إلى السنة.
ومسألة التشويش على فهم القرآن علاجها بتعيين مفسرين من الصحابة عايشوا نزول القرآن وتفسير النبي صلى الله عليه وآله لآياته، من الموثوقين عند الخليفة يقومون بتفسير القرآن للمسلمين بالأحاديث التي يرتضيها الخليفة.
فلم يبق وجه معقول لمقصود الخليفة إلا أنه يريد أن يقرأ المسلمون النص القرآني وحده ولو من غير فهم، ولا يشغلوا أنفسهم بالسؤال عن معاني آياته، حتى بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله! وقد تقدم ما يؤيد هذا الرأي في منع الخليفة من السؤال والبحث في القرآن!
مقولة اختلاط السنة بالقرآن لو قال غير الخليفة عمر: لا تدونوا السنة حتى لا تختلط بالقرآن لسخر منه العلماء وقالوا هذا امتهان للعقل!! فالقرآن والسنة طبيعتان متميزتان وقد كانا معا ولم يختلطا ولم يشتبها، حتى عند متوسطي الثقافة والمعرفة، فضلا عن العلماء والفقهاء!