يقبل منصف الالتفاف عليها وحصرها في حادثة واحدة أو اثنتين؟! أم يرضى بتكذيبها أو ردها، لأن عمل الخليفة يخالفها؟!
متى تم الإفراج عن تدوين السنة وكيف؟
كان قرار الفراغ القرآني وعدم اعتماد الدولة لنسخة رسمية موحدة للقرآن.. لم يفقد الأمة قرآنها والحمد لله، وإن سبب خلأ وأزمة واختلافات سيئة فيها.. أما قرار هما تغييب سنة النبي صلى الله عليه وآله.. فقد سبب ضررا فادحا على السنة حيث ضاع منها الكثير، وتشوه الكثير، وصارت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله غابة كبيرة من (الأحاديث) مليئة بالجواهر والحقائق وبالضد والنقيض اللامعقول..
والضرر الأعظم أن السلطة عندما قررت أن تدون السنة بعد تسعين سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وآله.. لم تقتصر عليها وحدها بل خلطتها في مرسوم التكليف بسنة الخليفة عمر وأمرت أن يدونا معا!! قال الدارمي في سننه ج 1 ص 126:
(أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر عن أبي ضمرة عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أكتب إلى بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحديث عمر فإني قد خشيت درس العلم وذهابه!) انتهى.
وقد وافق البخاري على هذا المرسوم وطبقه في صحيحه حرفيا، فأبرز الخليفة عمر دائما إلى جنب النبي!! ولكنه كان يرى أن من المصلحة فعل ذلك وعدم قوله.. لهذا طور نص المرسوم (بعد صدوره) ليكون في الظاهر محصورا بسنة النبي صلى الله عليه وآله! قال في صحيحه ج 1 ص 33:
(باب كيف يقبض العلم. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم أنظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم و ذهاب العلماء. ولا يقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم (...) وليفشوا العلم وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا!) انتهى.