أما النسخة الأخرى فقد كتبها علي عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، وهي بأسلوب التأليف الذي بين أيدينا ولا بد أن النبي صلى الله عليه وآله قد علمه أسلوب تأليفها أيضا وأوصاه بعرضها عليهم كما نصت رواية الطبرسي (وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله).
والظاهر أنها النسخة التي يصفها الخليفة عثمان بافتخار في رسالته إلى الأمصار بأنها (القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلى جبريل، وأوحاه جبريل إلى محمد، وأنزله عليه، وإذا القرآن غض!!). ولا يبعد أن يكون الرواة خلطوا أحيانا بين النسختين.. أما الفرق بينهما فهو في الترتيب فقط..
وقد نصت مصادر إخواننا على أن ترتيب نسخة علي عليه السلام على حسب النزول كما تقدم.
ونصت مصادرنا الشيعية أيضا على ذلك.. قال المفيد في الإرشاد ج 2 ص 360 (وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما أنزل الله عز وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف). ورواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 265، والمجلسي في بحار الأنوار ج 52 ص 339، وغيرهم.
أسرار ترتيب القرآن لم تكتشف بعد مع أن ما كشف لنا من أسرار القرآن إلى الآن كاف لكل منصف لأن يؤمن بأنه كلام الله تعالى، فإن أكثر أسرار القرآن لم تكتشف بعد، ومنها أسرار ترتيبه.. سواء في ذلك ترتيب سوره وآياته.. بل ترتيب حروفه ونظمها في السور والآيات والكلمات!!
وعلى كثرة الحقائق والشواهد التي قدمها العلماء والباحثون في إعجاز القرآن وبنائه الفريد، فإني أذكر حقيقة واحدة وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام، تخضع لها الأفكار والأعناق.. فقد روى القاضي المغربي المصري من علماء القرن الرابع في كتابه القيم دعائم الإسلام ج 2 ص 146 قال: