ولكن لو صح هذا الاحتمال أيضا وكان مع أسئلتهم عن الذاريات أسئلة أخرى محرجة عن انحراف الأمة.. فهي لا تستحق العقوبة التي نزلت بصبيغ!!
تحير الفقهاء في عقوبة صبيغ وقد تحير الفقهاء في توجيه حكم الخليفة على صبيغ، فحاولوا أن يثبتوا لسؤاله بعدا عقائديا سياسيا، قال ابن قدامة في المغني ج 1 ص 73:
(فصل: واختلفت الرواية عن أحمد في حلق الرأس فعنه أنه مكروه لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج (سيماهم التحليق) فجعله علامة لهم وقال عمر لصبيغ: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك بالسيف) انتهى.
وقال في ج 10 ص 58 (فصل، وإذا أظهر قوم رأي الخوارج مثل تكفير من ارتكب كبيرة وترك الجماعة واستحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا أنهم لم يخرجوا عن قبضة الإمام ولم يسفكوا الدم الحرام، فحكي القاضي عن أبي بكر أنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور أهل الفقه... وأما من رأى تكفيرهم فمقتضى قوله أنهم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا لكفرهم كما يقتل المرتد، وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم)... وقول عمر لصبيغ لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك بالسيف، يعني لقتلتك، وإنما يقتله لكونه من الخوارج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيماهم التسبيد يعني حلق رؤوسهم) انتهى.
يقصد ابن قدامة أن الخليفة كان يفتي بقتل من حلق رأسه لأن ذلك شعار الخوارج!
وهو توجيه غريب لحكم الخليفة على صبيغ، فأين كان الخوارج في زمن الخليفة عمر؟
ومن روى هذا الحديث؟ ومن صححه؟ وكيف يمكن توجيه ما قاله وما فعله الخليفة عمر بحدث تاريخي بدأ بعد وفاته بربع قرن!.
وينبغي الالتفات هنا إلى أن من عادة العرب عند العزم على شئ والإستماتة في سبيله أن يحلقوا رؤوسهم علامة على ذلك.. وقد ورد أن جماعة من الأنصار والمهاجرين جاؤوا إلى علي عليه السلام بعد فراغه من مراسم جنازة النبي صلى الله عليه وآله