مهما يكن.. فإن زيد بن ثابت من الذين يحتاج الباحث أن يبحث طويلا عن اسم جده لأمه وعن اسم أبيه وجده وأعمامه وأسرته، لأن الأنساب التي ذكروها له تزيد الباحث شكا، واستيفاء ذلك خارج عن غرض هذا الكتاب.. والذي يهون الخطب أن دور زيد في جمع القرآن دور تنفيذي لا أكثر كما سترى.. وإن حاول هو أن يعطيه صفة أخرى!!
مناصب زيد في عهود الخلفاء الثلاثة كان زيد من أنصار السلطة الجديدة بعد النبي صلى الله عليه وآله من أول ساعاتها.. فبعد ولادة خلافة أبي بكر في السقيفة ببيعة أفراد محدودين، ومعارضة سعد بن عبادة زعيم الخزرج.. كان المشروع بحاجة في اليوم الثاني إلى بيعة الأنصار الذين هم أهل المدينة، وكان الصوت المؤيد من الأنصار ذا قيمة عند أبي بكر وعمر حتى لو كان لشاب صغير السن محسوب على الأنصار، مثل زيد بن ثابت..
روى أحمد في مسنده ج 5 ص 185:
(عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطباء الأنصار فجعل منهم من يقول يا معشر المهاجرين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان أحدهما منكم والآخر منا، قال فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك قال فقام زيد بن ثابت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين وإنما الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره، كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم!
فقام أبو بكر فقال جزاكم الله خيرا من حي يا معشر الأنصار وثبت قائلكم، ثم قال والله لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم) انتهى.
وروى ابن كثير في السيرة النبوية ج 4 ص 494 (... أن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه...) انتهى.
ومن ذلك اليوم أخذ زيد موقعه في الدولة الجديدة وصار كاتب دار الخلافة، ثم مقسم مواريث المسلمين.. ثم مسؤول جمع القرآن!