تحرير المسألة يقول علماء أصول الفقه: لا بد قبل البحث في المسألة من تحرير محل النزاع فيها..
وهو كلام علمي تماما، لأن خلط الموضوعات يوجب خلط الأحكام، فلا بد من إعراب المسألة الخلافية وفك الارتباط بين مفرداتها قبل طرحها للبحث..
هذه هي المشكلة الأولى في مسألتنا..
والمشكلة الثانية.. هي التهويل والكلام الفارغ عن المحتوى..
فإذا استطعنا في هذه الدراسة أن نبتعد عن هاتين المشكلتين، نكون توفقنا بعون الله تعالى إلى تقديم بحث علمي نافع للمسلمين حول القرآن الكريم، الركن الأهم والثقل الأكبر في الإسلام، وإلى نفي تلك التهمة الكاذبة عن مذهب أهل بيت النبي عليهم السلام الذين أوصى بهم النبي صلى الله عليه وآله جنبا إلى جنب القرآن.
إن البحث في موضوع مقدس كالقرآن، وفي مسألة قرآنية خطيرة كمسألتنا..
يوجب على الباحث الذي يحترم نفسه وقلمه، أن يراعي الأصول التالية:
أولا: معرفة نوع المسألة، وهل هي مسألة علمية محضة أم مسألة عملية؟ هل المشكلة أنه توجد في مصادر المسلمين وبطون الكتب روايات تتنافى مع صيانة القرآن وسلامته؟ أم المشكلة أن أناسا منهم يعتقدون بتحريف القرآن، لكي نثبت لهم سلامته وندعوهم إلى الإيمان به؟
ثانيا: العدالة في النظر إلى الروايات الواردة في مصادر الشيعة والسنة معا. أما أن يرى الكاتب الروايات التي في مصادر الشيعة ويغمض عينيه عما في مصادر السنة، كما فعل الكتاب الجدد الذين وجهوا التهمة إلى الشيعة في عصرنا.. فهذا عمل لا ينسجم مع العدالة والموضوعية.
ثالثا: التتبع الواسع للروايات وتحري الدقة في نقلها وتحليلها والاستنتاج منها.
وإذا راعينا هذه الأصول في مسألتنا، نجد أن واقعها ليس أكثر من وجود روايات في مصادر الشيعة تقول بنقص القرآن.. وفي مقابلها توجد روايات في مصادر السنة تقول بنقص القرآن، وروايات أخرى تقول بزيادته، وروايات أخرى تجوز التصرف في نص القرآن.