إن هذه الحركة منسجمة تماما مع الأحاديث الصحيحة الواردة عن الخليفة عمر بأن القرآن الذي نزل أضعاف الموجود، لذلك فهو يحاول جمع ما ضاع منه بأقل إثبات شرعي وهو شاهدان عاديان! ولعل تأخر الخليفة عمر بنشر نسخته كان لهذا السبب.. والله يعلم ماذا جمع في نسخته من أمثال سورتي (الخلع والحفد) والآيات التي تقدمت!!
ونلاحظ في الرواية التالية مزيدا من المبالغة في فقدان نسخ القرآن.. فقد (مات) كل حفاظه، حتى أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وغيرهم.. وغيرهم! قال في كنز العمال ج 2 ص 584:
(عن ابن شهاب قال: بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوه ولم يعلم بعدهم ولم يكتب!! فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم، وذلك فيما بلغنا (...) حملهم على أن تتبعوا القرآن، فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر، خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن، معهم كثير من القرآن فيذهبوا بما معهم من القرآن، فلا يوجد عند أحد بعدهم، فوفق الله عثمان فنسخ ذلك المصحف في المصاحف، فبعث بها إلى الأمصار وبثها في المسلمين - ابن أبي داود) انتهى.
نتيجة عمل لجنة أبي بكر لتدوين القرآن استغرق عمل اللجنة التي عينها الخليفة أبو بكر باقتراح عمر بن الخطاب وعضوية زيد بن ثابت.. شطرا من عهد أبي بكر، ثم استمر عملها طوال عهد الخليفة عمر، ولكن نتيجتها لم تر النور ولم تصل إلى أيدي المسلمين! بل كانت صحائف عند الخليفة عمر، وبقيت بيده وعند ابنته حفصة.. حتى وفاته! قال البخاري في صحيحه ج 5 ص 211 و ج 6 ص 98 ج 8 ص 119 وكل رواياته عن زيد:
(وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر) انتهى.