والذي يهمنا هنا ليس سياسة الخليفة عمر مع الأنصار، وإنما شهادته بأن الآية نزلت بدون واو، وأن الله مدح الأنصار فيها بأنهم تابعون للمهاجرين!! قال عمر (أشهد أن الله أنزلها هكذا - ابن شبة - ج 2 ص 707) فإذا كان قوله هذا اجتهادا من عنده، لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلى من مكانة الأنصار.. فوا مصيبتاه من هذه الجرأة على تحريف آية من كتاب الله!! وإن كان صادقا، فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبي بن كعب وتأكيده؟! فقول أبي شهادة في مقابل شهادة، والشهادتان المتعارضتان تتكافآن وتتساقطان، ويجب الرجوع إلى شهادات الصحابة.. فلماذا لم يسأل عمر عددا من المهاجرين والأنصار عن الآية التي نزلت بالأمس قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بشهور! وكيف خضع لشهادة أبي بن كعب؟ ثم كيف أمر بكتابتها في القرآن كما قال ابن كعب ولم يطلب حتى شاهدا آخر معه عليها؟!
مهما يكن من أمر، فلولا موقف أبي بن كعب لقام الخليفة بتغيير آية في كتاب الله تعالى، بضربة فنية وحذف واو واحدة! ولكن الله تعالى حفظ كتابه، وهو القائل:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون!
2 - محاولة تحريف آية نزلت في علي آية: ومن عنده علم الكتاب في القرآن الكريم عدة تعبيرات عن العلم بالكتاب الإلهي.. منها تعبير: إيتاء الكتاب، ويستعمل بمعنى الإيتاء العام للأمم، حتى لأولئك الذين انحرفوا عن الكتاب الإلهي وضيعوه ولم يعرفوا منه إلا أماني.. قال الله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب - آل عمران 19 ويستعمل بمعنى الإيتاء الخاص للأنبياء وأوصيائهم، قال تعالى: أولئك الذين آتينا هم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين - الأنعام 90