وهكذا ذهب إخواننا فقهاء المذاهب إلى أن القراء كلهم على حق ولا ذنب لهم، لأن النبي صلى الله عليه وآله أقرأهم متفاوتا أو أمضى قراءاتهم المتفاوتة، والنبي أيضا لا ذنب له، لأن جبرئيل أبلغه القرآن متفاوتا.. وجبرئيل أيضا لا ذنب له لأن الله تعالى أعطاه القرآن متفاوتا.. تعالى الله عن ذلك، وتنزه رسله!!
وسترى في البحث التالي أن نظرية التسامح في نص القرآن لم تقف عند حد التفاوت في بعض الحروف والكلمات في الآيات، بل أخذت مجراها ونموها السرطاني حتى وصلت إلى نظرية تعويم نص القرآن وجواز قراءته بالمعنى بدون التقيد بألفاظه!!
ولكن مع خطورة هذه الفتاوي وهذه النظريات.. فإن ضررها والحمد لله بقي محصورا تقريبا في مصادر إخواننا السنة، خاصة في تفاسيرهم، ولم يؤثر تأثيرا كبيرا على القرآن في حياتهم وسلوكهم.. والسبب في ذلك هو فقط تكفل الله تعالى بحفظ كتابه: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون!!
رأي أهل البيت عليهم السلام وعلماء الشيعة روى الكليني في الكافي ج 2 ص 630 (... عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكن الاختلاف يجئ من قبل الرواة.
... عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يقولون:
إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال: كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد!) انتهى، ويدل قوله عليه السلام (كذبوا أعداء الله) على أنه كان يوجد جماعة يريدون تمييع نص القرآن بهذه المقولة!
وروى المجلسي في بحار الأنوار ج 90 ص 3 حديثا مطولا جاء فيه (عن إسماعيل بن جابر قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا فختم به الأنبياء فلا نبي بعده، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب فلا كتاب بعده، أحل فيه حلالا وحرم حراما، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فيه شرعكم وخبر من قبلكم وبعدكم، وجعله النبي صلى الله عليه وآله علما باقيا في أوصيائه. فتركهم الناس وهم الشهداء على أهل كل زمان، فعدلوا