وأن لا يجالسه أحد، كما في أكثر الوثائق، وأن لا يبايعه، أحد وإن مرض فلا يعوده أحد وإن مات فلا يشهد أحد جنازته، كما في الوثيقة رقم 16 وغيرها.
رابعا: أما إذا تاب صبيغ وأناب، فينتظر به سنة كما ذكر الفقهاء المدافعون عن الخليفة، حتى يطمأن بأن توبته صادقة وأنه ترك الأسئلة المحرمة، فإن ثبت للخليفة حسن توبته، يطلب من المسلمين الذين أساء إليهم المجرم صبيغ بأسئلته، أن يعفوا عنه ويقبلوا من أخيهم توبته كما في الوثيقة رقم 7!!
تحليل قضية صبيغ إن قصة صبيغ التميمي تثير التعجب والتساؤل عن ذنب الرجل؟ وهل السؤال عن معنى آيات القرآن حرام؟ وإذا كان حراما، فهل جزاؤه الشرعي هذا الجزاء القاسي؟!
أم أن في الأمر شيئا آخر؟
حاولت أن أجد في حيثيات الحكم الذي أصدره الخليفة ما يبرره.. فلم أجد!
وبحثت عن وجود تهمة غير السؤال على صبيغ، فقد يكون زنديقا، أو جاسوسا، أو مبتدعا في الدين له شخص واحد يتبعه.. فما وجدت إلا أنه كان يتساءل عن مشكلات القرآن، حتى أتى إلى الخليفة يسأله!!
ظاهر المسألة أنها دينية صرفة وأن صبيغا من أهل البحث والجدل، فأراد الخليفة أن يسد باب البحث والجدل ويحذر المسلمين من ذلك، فقد كان يتبنى خط تحريم البحث في معاني القرآن وموضوعاته، وحتى في تفسير ألفاظه ومفرداته، كما نرى في روايات أخرى!
وحسب الأصول القضائية والشرعية لا بد أن نبقى متمسكين بدلالة ظاهر النص حتى نجد قرائن توجب الاطمئنان بخلافه. وقد فهم الإمام الشافعي قضية صبيغ على ظاهرها هذا كما رأيت في الوثيقة رقم 17، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 10 ص 29:
(الزعفراني وغيره: سمعنا الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر، ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام.