كان القرار في حساباتهما قرارا لا بديل عنه.. فأقدما على عمل صعب ضد التيار، وبذلا جهودهما لإحداث تيار معاكس، ونجحا في ذلك لمدة قرن من الزمان! وقد كان التيار قويا إلى حد أن أبا بكر بقي يتقلب ليلته ولم ينم كما قالت ابنته عائشة!
وإلى حد أن عمر بعد أن استشار الصحابة فشجعوه على التدوين، بقي شهرا يفكر ويقلب الأمر على وجوهه ويحسب منافعه ومضاره.. ثم قرر أبو بكر الإحراق.. وقرر عمر الإحراق وعدم التدوين، ثم الكتابة إلى الأمصار بالإحراق أو المحو، ثم مضاعفة العقوبة على من يروي سنة النبي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.. ولا حول وقوة إلا بالله العلي العظيم!!
جبال أخرى أمام المدافعين عن تغييب السنة!
عندما يصل المدافعون عن سياسة تغييب السنة إلى أحاديث وجوب طلب العلم وبذله، أو أحاديث وجوب أن يبلغ الشاهد الغائب، وثواب حفظ الأحاديث والتحديث، الخ. يحاولون العبور عنها وتجاهلها كما عبروا عن أحاديث الأمر بكتابة السنة، أو يحاولون الالتفاف عليها بأنها تقصد التبليغ الشفهي وليس المكتوب، وتقصد الحفظ في الصدر دون التدوين..!
لكن هل يستطيع عاقل أن يقنع نفسه بأن النبي صلى الله عليه وآله أكد على أمته فقال: إحفطوا أحاديثي، لكن يحرم عليكم أن تكتبوها! وبلغوها إلى الأجيال تبليغا شفهيا فقط؟!
وبماذا نجيب مثقفي الأمم الأخرى بل عوامها، إذا قالوا لنا: ما هذه المفارقة من نبيكم؟!
الواقع أنها ليست مفارقة من نبينا صلى الله عليه وآله.. بل من غيره!!
وفيما يلي نورد نماذج لأربعة أنواع من الأحاديث من مصادر إخواننا.. تأمر كلها بالتحديث وتدوين الحديث، أو تستلزم ذلك بالضرورة..