المحدث الملهم الذي جاء عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال (لو كان بعدي نبي لكان عمر) الذي فر منه الشيطان وأعلى به الإيمان وأعلن الأذان. قال نافع بن أبي نعيم عن نافع عن ابن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه.
فيا أخي إن أحببت أن تعرف هذا الإمام حق المعرفة فعليك بكتابي (نعم السمر في سيرة عمر) فإنه فارق فيصل بين المسلم والرافضي، فوالله ما يغض من عمر إلا جاهل دائص أو رافضي فاجر، وأين مثل أبي حفص؟ فما دار الفلك على مثل شكل عمر، وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب، فروى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن أبا موسى سلم على عمر من وراء الباب ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع فأرسل عمر في أثره فقال لم رجعت؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع. قال لتأتيني على ذلك بينة أو لأفعلن بك! فجاءنا أبو موسى منتقعا لونه ونحن جلوس فقلنا ما شأنك؟ فأخبرنا وقال فهل سمعه أحد منكم فقلنا نعم كلنا سمعه فأرسلوا معه رجلا منهم حتى أتى عمر فأخبره.
أحب عمر أن يتأكد عنده خبر أبي موسى بقول صاحب آخر، ففي هذا دليل عن أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحد، وفي ذلك حض على تكثير طرق الحديث لكي يرتقي عن درجة الظن إلى درجة العلم، إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم ولا يكاد يجوز ذلك على ثقتين لم يخالفهما أحد.
وقد كان عمر من وجله أن يخطئ الصاحب على رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرهم أن يقلوا الرواية عن نبيهم ولئلا يتشاغل الناس بالأحاديث عن حفظ القرآن.
وقد روي عن شعبة وغيره عن بيان الشعبي عن قرظة بن كعب قال لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا عمر وقال أتدرون لم شيعتكم؟ قالوا نعم تكرمة لنا. قال: ومع ذلك إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم. جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله، وأنا شريككم) فلما قدم قرظة بن كعب قالوا حدثنا فقال نهانا عمر رضي الله عنه!