وعلى هذه الروايات لا بد من القول إن الأعضاء الإستشاريين كانوا كثيرين، ولا بد أن يكون حذيفة منهم بل في طليعتهم.. وأن الأعضاء الكتاب والنساخين كانوا كثيرين أيضا، وكان أبرزهم زيد بن ثابت.. والظاهر أن اسم أبي بن كعب جاء في هذه الرواية وغيرها بدل اسم ابنه محمد بن أبي بن كعب، لأن أبيا توفي في زمن عمر، وقد ورد اسم ولده محمد بأنه سلم مصحف أبيه كعب إلى الخليفة عثمان. وقد أشكل المستشرقون على ذكر أبي بن كعب في لجنة جمع القرآن وضخموا ذلك، وأرادوا أن يطعنوا بسببه في نسخة القرآن، على عادتهم!
دور زيد بن ثابت في لجنة تدوين المصحف الإمام من مجموع روايات تدوين المصحف الإمام، نعرف أن دور زيد بن ثابت فيه كان دورا تنفيذيا فقط.. فهو كاتب لا يملك القرار، ولا حتى ترجيح كلمة واحدة، لأن المملي الرسمي صاحب القرار هو سعيد بن العاص! وقد اختلف هو وزيد في كلمة التابوت فقال زيد: التابوه بالهاء، ولعل ذلك من تأثره بدراسته عند اليهود، وقال سعيد بالتاء، فأمر الخليفة زيدا أن يكتبها كما قال سعيد.. قال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1002 (... وقال سعيد بن العاص إنما هو التابوت. فقال عثمان رضي الله عنه: اكتبوه كما قال سعيد، فكتبوا التابوت) انتهى.
وقال البخاري في صحيحه ج 4 ص 156 (وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ذلك).
وقال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 995 (قال فليكتب سعيد وليمل زيد، قال فكانت مصاحف بعث بها إلى الأمصار).
فالظاهر أنه وقع فيها تبديل اسم باسم. وقال في كنز العمال ج 2 ص 585 (قال عثمان فليمل سعيد وليكتب زيد، فكتب زيد وكتب معه مصاحف ففرقها في الناس، فسمعت بعض أصحاب محمد يقولون قد أحسن - ابن أبي داود كر).
على أن الروايات ذكرت كتابا آخرين مع زيد، وهم: كثير بن أفلح، ونافع بن طريف، وعبد الله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، وعبد الله بن فطيمة، وقد صرحت رسالة عثمان بأن عددهم كان أكثر من هؤلاء..