وسلم أحدث تقرؤنه محضا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا. ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم؟!!). ونحوه في ج 5 ص 150، ج 8 ص 208 و 213 و ج 3 ص 163 ولكن البخاري - الذي هو من بلاد ما وراء النهر البعيدة عن اليهود والنصارى - لم يلتفت إلى أن صيحات ابن عباس هذه ما ارتفعت إلا بعد وفاة الخليفة عمر، وبعد أن رأى موجة الثقافة اليهودية التي فتح بابها الخليفة وأعطاها الشرعية، تضرب أطنابها في مساجد المسلمين وحديثهم وتفسيرهم وفقههم، بفعل كعب وتلامذة كعب المحترمين! ولم يلتفت البخاري أيضا إلى أن اتهامه كعبا بالكذب لا يرضي الخليفة عمر، وأنه لو كان في زمن الخليفة فلربما أدبه بسبعين سوطا!
ابن الأثير يبرر عمل الخليفة قال ابن الأثير في البداية والنهاية ج 1 ص 19:
(... فإن كعب الأحبار لما أسلم في زمن عمر كان يتحدث بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأشياء من علوم أهل الكتاب فيستمع له عمر تأليفا له، وتعجبا مما عنده مما يوافق كثير منه الحق الذي ورد به الشرع المطهر، فاستجاز كثير من الناس نقل ما يورده كعب الأحبار لهذا، ولما جاء من الإذن في التحديث عن بني إسرائيل، لكن كثيرا ما يقع فيما يرويه غلط كبير وخطأ كثير) انتهى.
وكأن ابن الأثير لم يقرأ روايات البخاري المتقدمة أو قرأها ولكن أولها بأن نهي النبي عن سؤال أهل الكتاب لا يعارض الاستفادة من ثقافتهم والتحديث عنهم، فيكون بذلك قد أيد رأي الخليفة عمر.
والإذن الذي يقصده ابن الأثير رواية رووها عن النبي صلى الله عليه وآله تقول (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، أو ما شئتم) وقد فسرها الذين يوافقون الخليفة عمر في سياسة الانفتاح على ثقافة أهل الكتاب بأن معناها: يجوز لكم أن تحدثوا عنهم وترووا عنهم ما شئتم ولا حرج! ولكن إذا صحت الرواية فإن معناها: كل ما تقولون من تفصيلات عن أعمال أهل الكتاب التي نزل بها القرآن أو أخبركم بها نبيكم من