وهكذا طبق الفقهاء على صبيغ أنه لا بد أن تمضي عليه سنة ليعرف أنه (اجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة) ولكن صبيغا لم يكن له فئة غير أهل السنة، وإن كان له فئة فكيف يعرف أنه اجتنبهم وهو ممنوع المجالسة والمكالمة الخ..
النتيجة والنتيجة أن صبيغا دفع في حياته ثمن أسئلته غاليا، ثم دفعها على يد الفقهاء من سمعته لأجل تبرير عمل الخليفة، فصار صاحب بدعة، وصار خارجيا مستحقا للعقوبة قبل ظهور الخوارج وتسميتهم خوارج بربع قرن أو أكثر.. كل ذلك بدون دليل عند أحد من هؤلاء الفقهاء إلا عمل الخليفة.. ويمكن أن يصير صبيغ بعد مدة رافضيا خبيثا، مع أني لم أجد له إشارة مدح واحدة في مصادر الشيعة!
ولكن لا يختلف الحال في غرض بحثنا، فسواء اعتبرنا قضية صبيغ قضية علمية أو عقائدية أو شخصية أو سياسية.. فإنها قضية تخدم تحريم البحث العلمي في القرآن والسؤال عن غوامضه وحتى عن معاني ألفاظه ومفرداته، كما نرى في نهي الخليفة عن البحث في معنى: وفاكهة وأبا.. وغيرها، وغيرها!
وإذا أردنا تطبيق أحكام الخليفة على صبيغ في عصرنا فيجب على الحاكم المسلم أن يجمع كتب التفسير ويحرقها، ثم يقيم الحد الشرعي على المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، فيجلدهم حتى تسيل دماؤهم على رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم، والأحوط أن يكون ذلك بجريد النخل الرطب، ثم يسجنهم حتى يبرؤوا، ثم يضربهم مرة ثانية وثالثة.. ثم يلبسهم تبابين ويركبهم في شاحنات ويطوفهم في مدنهم وقراهم.. ويحذر الناس من شرهم.. إلى آخر أحكام الخليفة.
هذا إذا كانت أسئلتهم بمقدار أسئلة صبيغ، أما إذا كانت أسئلتهم أكثر مثل طلبة المعاهد والجامعات الدينية في عصرنا، فيجب أن يحكم عليهم بالإعدام حتى يخلص الأمة من شرهم!!