ولعل هذا السبب في أن السمعاني روى دعوى إرسال ابن ملجم لصبيغ بلفظ (قيل) وكذلك ابن حجر.
ثم لو كان صبيغ خارجيا لانضم إليهم عندما ظهروا، ولما روى عن الخليفة ذم الخوارج ووجوب قتلهم كما في الوثيقة رقم 10.
ومع ذلك فهناك مؤشرات تفتح باب الاحتمال لأن تكون قضية صبيغ شخصية أو سياسية. فبعض روايات الحادثة تذكر أن الخليفة عرف صبيغا من سؤاله عن الذاريات كما في الوثيقة رقم 3 (حتى إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فقال عمر أنت هو، فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك، ألبسوه ثيابا (تبانا) واحملوه على قتب...) وأنه كان أعد له العراجين أي عروق سعف النخل مسبقا كما في الوثيقة 1 و 11، فقد يكون صبيغ جاء إلى المدينة سابقا وسأل الخليفة عن الذاريات فلم يعرف الخليفة جوابها، فذهب إلى مصر يشهر بالخليفة بأنه لا يفهم القرآن، فكتب له ابن العاص بالخبر وأن جماعة من قراء القرآن في مصر يغتابون الخليفة ويتهمونه بأنه لا يعرف تفسير القرآن، ولا يطبق كثيرا من آياته! فأمر ابن العاص أن يحضره وعرفه من سؤاله..
ويؤيد هذا الاحتمال ما رواه السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 145 والهندي في كنز العمال ج 2 ص 330 (عن الحسن أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر، فقالوا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها، فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك فقدم وقدموا معه فلقي عمر، فقال: يا أمير المؤمنين أن ناسا لقوني بمصر، فقالوا إنا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها، فأحبوا أن يلقوك في ذلك، فقال أجمعهم لي فجمعهم له، فأخذ أدناهم رجلا فقال: أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآن كله؟ فقال: نعم: قال فهل أحصيته في نفسك؟ قال لا، قال فهل أحصيته في بصرك؟ قال لا، قال فهل أحصيته في لفظك؟ هل أحصيته في أثرك؟ ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم، قال: ثكلت عمر أمه، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله؟ قد علم ربنا أنه سيكون لنا سيئات وتلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون