وهنا يؤكد أن الطلاق يجب أن يكون مع بداية العدة، وهذا يتحقق فقط - في حالة الطهارة وعدم المقاربة، فإذا وقع الطلاق في حالة الحيض فإن بداية زمان العدة ينفصل عن بداية الطلاق، وبداية العدة ستكون بعد الطهارة.
وإذا كانت في حالة طهر وقد جامعها زوجها، فإن الطلاق لا يتحقق أيضا، لأن مثل هذه الطهارة - بسبب المقاربة - لا يمكن أن تكون دليلا على عدم وجود نطفة في الرحم.
على كل حال هذا هو أول شرط للطلاق.
جاء في روايات عديدة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " مر فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر. ثم، إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء " (1).
وجاء نفس هذا المعنى في روايات عديدة عن أهل البيت (عليهم السلام)، حتى أنها ذكرت على أنها تفسير للآية (2).
ثم يذكر الحكم الثاني وهو حساب العدة، حيث يقول تعالى: وأحصوا العدة.
" أحصوا " من مادة " الإحصاء " بمعنى الحساب، وهي في الأصل مأخوذة من " حصى " بمعناها المعروف، لأن كثيرا من الناس كانوا يلجأون في حساب المسائل المختلفة إلى طريقة عد " الحصى " لعدم استطاعتهم القراءة والكتابة.
والجدير بالملاحظة هنا أن المخاطب في " حساب العدة " هم الرجال وليس النساء، وذلك لوقوع مسؤولية " النفقة والسكن " على عاتق الرجال، كما أن " حق الرجوع " عن الطلاق يعود إليهم وليس إلى النساء، وإلا فهن ملزمات أيضا في إحصاء العدة لتعيين تكليفهن.