من جميع أفكارهم وإحساساتهم ومشاعرهم.
إن خوف الإنسان من العدم شئ طبيعي، بل إن الإنسان يخاف من الظلمة في الليل التي هي عدم النور، وأحيانا يصل بالإنسان الخوف إلى أنه يخاف من الميت.
ولكن إذا صدقت النفس أن (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وإذا أيقنت هذه النفس أن هذا البدن الترابي إنما هو سجن للروح وسور يضرب الحصار عليها، إذا آمنت بذلك حقا وكانت نظرة الإنسان إلى الموت هكذا فإنه سوف لن يخشى الموت أبدا، وفي نفس الوقت الذي يعتز بالحياة من أجل الارتقاء في سلم التكامل.
لهذا نجد في قصة عاشوراء: أنه كلما ضاقت حلقة الأعداء وإزداد ضغطهم على الإمام الحسين وأصحابه ازدادت وجوههم إشراقا، حتى أن الشيوخ من أصحابه كانت الابتسامة تطفو على وجوههم في صبيحة عاشوراء، وحينما كانوا يسألون يقولون: إننا سنستشهد بعد ساعات فنعانق الحور العين (1).
والسبب الآخر الذي يجعل الإنسان يخاف من الموت هو التعلق بالدنيا أكثر من اللازم، الأمر الذي يجعله يرى الموت الشئ الذي سيفصله عن محبوبه ومعشوقه التي هي الدنيا.
وكثرة السيئات وقلة الحسنات في صحيفة الأعمال هي السبب الثالث وراء الخوف من الموت، فقد جاء أن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يا رسول الله، ما بالي لا أحب الموت؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لك مال؟ قال: نعم، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قد قدمته؟ قال:
لا. قال: فمن ثمة لا تحب الموت " (2) (لأن صحيفة أعمالك خالية من الحسنات).