تعرضت له، وبهذا تستوعب كل قول لا يقترن بعمل ويستحق اللوم والتوبيخ، سواء يتعلق بالثبات في ميدان الجهاد أو أي عمل إيجابي آخر.
وذهب بعض المفسرين إلى أن المخاطب في هذه الآيات هم المتظاهرون بالإيمان والمنافقون، مع أن الخطاب في هذه الآية موجه إلى الذين آمنوا، كما أن تعبيرات الآيات اللاحقة تبين لنا أن المخاطب بذلك هم المؤمنون، ولكنهم لم يصلوا بعد إلى الإيمان الكامل وأعمالهم غير منسجمة مع أقوالهم.
ثم يضيف سبحانه مواصلا القول: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (1) حيث التصريحات العلنية في مجالس السمر والادعاء بالشجاعة، ولكن ما أن تحين ساعة الجد إلا ونلاحظ الهروب والنكوص والابتعاد عن تجسيد الأقوال المدعاة.
إن من السمات الأساسية للمؤمن الصادق هو الانسجام التام بين أقواله وأعماله وكلما ابتعد الإنسان عن هذا الأصل، فإنه يبتعد عن حقيقة الإيمان.
" المقت " في الأصل: (البغض الشديد لمن ارتكب عملا قبيحا) وكان عرب الجاهلية يطلقون عبارة (نكاح المقت) لمن يتزوج زوجة أبيه. وفي الجملة السابقة نلاحظ اقتران مصطلح " المقت " مع " الكبر "، والذي هو دليل أيضا على الشدة والعظمة، كما هو دليل على الغضب الإلهي الشديد على من يطلقون أقوالا ولا يقرنونها بالأعمال.
يقول المرحوم العلامة الطباطبائي في الميزان: فرق بين أن يقول الإنسان شيئا لا يريد أن يفعله، وبين الإنسان الذي لا ينجز عملا يقوله.
فالأول دليل النفاق، والثاني دليل ضعف الإرادة (2).