التفسير.
والشئ الممكن ملاحظته هنا، أنه تعالى يقول في البداية: إن الجبال تخشع وتخضع للقرآن الكريم، ويضيف أنها تتشقق، إشارة إلى أن القرآن الكريم ينفذ تدريجيا فيها، وبعد كل فترة تظهر عليها آثار جديدة من تأثيرات القرآن الكريم، إلى حد تفقد فيه قدرتها واستطاعتها فتكون كالعاشق الواله الذي لا قرار له ثم تنصدع وتنشق (1).
الآيات اللاحقة تستعرض قسما مهما من صفات جمال وجلال الله سبحانه، التي لكل واحدة منها الأثر العميق في تربية النفوس وتهذيب القلوب. وتحوي الآيات القرآنية الثلاثة خمسة عشر وصفا لله سبحانه، أو بتعبير آخر فإن ثماني عشرة صفة من صفاته العظيمة تذكرها ثلاث آيات، وكل منها تتعلق ببيان التوحيد الإلهي والاسم المقدس، وتوضح للإنسان طريق الهداية إلى العالم النوراني لأسماء وصفات الحق سبحانه، يقول تعالى: هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم.
هنا وقبل كل شئ يؤكد على مسألة التوحيد، التي هي أصل لجميع صفات الجمال والجلال، وهي الأصل والأساس في المعرفة الإلهية، ثم يذكر علمه بالنسبة للغيب والشهود.
" الشهادة " و " الشهود " - كما يقول الراغب في المفردات - هي الحضور مقترنا بالمشاهدة سواء بالعين الظاهرة أو بعين البصيرة، وبناء على هذا، فكل مكان تكون للإنسان فيه إحاطة حسية وعلمية يطلق عليها عالم شهود، وكل ما هو خارج عن هذه الحدود يطلق عليه " عالم الغيب " وكل ذلك في مقابل علم الله سواء، لأن وجوده اللامتناهي في كل مكان حاضر وناظر، فلامكان - إذن -