وطبيعي أن من يتعلق بهم الإنسان ليس مختصا بالأقسام الأربعة التي استعرضتها الآية الكريمة، ولكن هؤلاء أقرب عاطفيا من غيرهم للإنسان، وبملاحظة الموقف من هؤلاء سيتضح الموقف من الآخرين.
ولذلك لم يأت الحديث عن الزوجات والأموال والتجارة والممتلكات، في حين أن ذلك قد لوحظ في الآية (24) من سورة التوبة، حيث يقول سبحانه: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين.
والسبب الآخر في عدم ذكر المتعلقات الأخرى بالإنسان في الآية مورد البحث، هو ما ورد في سبب نزول الآية الكريمة والتي من جملتها أن " حاطب بن أبي بلتعة " كتب رسالة إلى أهل مكة ينذرهم بقدوم رسول الله إليهم، ولما انكشفت الوشاية وعرف أن حاطب بن أبي بلتعة وراء هذا الأمر، إعتذر قائلا: " أهلي بمكة أحببت أن يحوطوهم بيد تكون لي عندهم " (1).
وقيل: إن هذه الآية قد نزلت بشأن " عبد الله بن أبي "، الذي كان له ولد مؤمن أراد الخير لأبيه، حيث رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما يشرب الماء، فطلب من رسول الله سؤره المتبقي في الإناء ليعطيه لأبيه، عسى أن يطهر قلبه، إلا أن الأب إمتنع من شربه وتجاسر على رسول الله. عند ذلك جاء الولد يطلب من رسول الله الإذن في قتل أبيه، فلم يسمح له (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وقال: " بل ترفق به " يداريه، (وأن يتبرأ من أعماله في قلبه).
ثم يتطرق القرآن الكريم إلى الجزاء العظيم لهذه المجموعة التي سخرت قلوبها لعشق الله تعالى، حيث يستعرض خمسة من أوصافهم والتي يمثل بعضها