ومع ذلك فإن خالفوا، فلابد من أن يجازوا، ليس في هذه الدنيا فحسب، بل في القيامة: وللكافرين عذاب مهين.
وبهذه الصورة فقد أشير إلى عذابهم الدنيوي في الجملة السابقة، وفي هذه الجملة إلى العذاب الأخروي، والشاهد على هذا المعنى في الآية الكريمة التالية:
كما كبت الذين من قبلهم كما أن الآية اللاحقة تؤكد هذا المعنى أيضا.
وعلى كل حال فإن هذا التهديد الإلهي للأشخاص الذين يقفون بوجه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن الكريم قد تحقق، حيث واجهوا الذلة والإنكسار في غزوة بدر وخيبر والخندق وغير ذلك، وأخيرا في فتح مكة حيث كسرت شوكتهم وأحبط كيدهم بانتصار الإسلام في كل مكان.
والآية اللاحقة تتحدث عن استعراض زمان وقوع العذاب الأخروي عليهم حيث يقول عز وجل: يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا (1) نعم أحصاه الله ونسوه.
ولذا فعندما تقدم لهم صحيفة أعمالهم يصرخون: ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (2).
وهذا بحد ذاته عذاب مؤلم، لأن الله تعالى يذكرهم بذنوبهم المنسية ويفضحهم في مشهد الحشر أمام الخلائق.
وفي نهاية الآية يقول البارئ سبحانه: والله على كل شئ شهيد.
وهذه في الحقيقة بمثابة الدليل على ما ورد في الجملة السابقة، فان حضور الله سبحانه في كل مكان وفي كل زمان وفي الداخل والخارج، يوجب ألا يحصي أعمالنا - فقط - بل نياتنا وعقائدنا، وفي ذلك اليوم الكبير الذي هو " يوم البروز "