وحينما سمع يوسف كلامهم تأثر بشدة لكنه كتم ما في نفسه فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم لأنه كان عالما بأنهم قد افتروا عليه واتهموه كذبا، إلا أنه لم يرد عليهم وقال لهم باختصار واقتضاب قال أنتم شر مكانا أي إنكم أحقر وأشر مكانا ممن تتهمونه وتنسبون إليه السرقة، أو أنتم أحقر الناس عندي.
ثم أضاف يوسف: إن الله سبحانه وتعالى أعلم بما تنسبون والله أعلم بما تصفون.
الملاحظ هنا إنه برغم أن إخوة يوسف افتروا عليه زورا واتهموه بالسرقة لكي يبرأوا أنفسهم، لكن لابد وأن تكون لهذه التهمة أرضية قديمة بحيث تمسك بها الإخوة في تلك اللحظة الحرجة.
ومن هنا فقد قام المفسرون بالبحث والتنقيب في الروايات القديمة والمصادر التاريخية، ونقلوا ثلاثة نصوص في هذا المجال:
الأول: أن يوسف بعد أن توفيت امه قضى فترة من طفولته عند عمته، وقد كانت تكن له حبا عميقا، وحينما كبر يوسف وأراد يعقوب أن يفصله عنها، لم تر عمته حيلة ووسيلة للاحتفاظ بيوسف إلا بحيلة نسائية وذلك بأن ربطت على خاصرته حزاما أو شالا مما تركه آل إسحاق، ثم ادعت أن يوسف أراد سرقتها، فلابد من أن يعاد إليها يوسف - وطبقا للدستور والسنة المتبعة عندهم - عبدا قنا جزاء له.
الثاني: قيل إن امرأة من أرحام يوسف من امه يوسف كان لها صنم تعبده، فأخذه يوسف وحطمه ورمى به على الطريق، فاتهموه بالسرقة.
الثالث: قيل أن يوسف كان يأخذ - أحيانا بعض الطعام من المائدة ويتصدق به على الفقراء والمساكين، فعلم الإخوة بذلك واتهموه بالسرقة.
لكن مثل هذه الأعمال لا تعد سرقة، لأن النبيه يعرف أن ربط الحزام على