أولى الإسلام أهمية قصوى لمسألة أسرى الحرب، من حيث أسلوب التعامل معهم، ومن حيث بعض النواحي الإنسانية وأهداف الجهاد أيضا.
وأول موضوع مهم يثار في هذا الشأن، هو ما قالته الآية الكريمة من أن كل نبي ليس له الحق في أسرار افراد العدو الا بعد أن يثبت اقدامه في الأرض ويكيل الضربات القاضية للأعداء: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض.
والفعل " يثخن " مأخوذ من " الثخن " على زنة " المحن " ومعناه في الأصل الضخامة والغلظة والثقل، ثم استعمل هذا اللفظ بمعنى الفوز والقوة والنصر والقدرة، للسبب المذكور آنفا.
وقال بعض المفسرين: إن معنى حتى يثخن في الأرض يدل على المبالغة والشدة في قتل الأعداء، وقالوا: إن معنى ذلك أن أخذ الأسرى ينبغي أن يكون بعد مقتلة عظيمة في الأعداء ولكن مع ملاحظة كلمة " في الأرض " والالتفات إلى جذر هذه الكلمة الذي يعني الشدة والغلظة، يتضح أن معنى الآية ليس هو ما ذكروه، بل القصد هو التفوق على العدو تماما وإضهار القوة والقدرة وإحكام السيطرة على المنطقة.
إلا أنه لما كان في قتل الأعداء وإبادتهم دليل على السيطرة وإحكام مواقع المسلمين أحيانا، فإن من مصاديق هذه الجملة في بعض الشروط قتل الأعداء، وليس هو مفهوم الجملة الأصيل.
على أية حال، فإن الآية تنبه المسلمين إلى نقطة مهمة في الحرب، وهي أن عليهم عدم التفكير والانشغال بأخذ الأسرى قبل اندحار العدو بالكامل، لأن بعض المسلمين المقاتلين - كما يستفاد من بعض الروايات - كان جل سعيهم هو الحصول على أكبر عدد من الأسرى في ساحة بدر مهما أمكنهم، لأن العادة كانت أن يدفع عن الأسير مبلغ من المال على شكل فدية ليتم الإفراج عنه بعد نهاية