وبذلك تنتفي جميع البحوث التي أوردوها، كالقول بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ارتكب ذنبا! وكيف ينسجم هذا العمل وعصمته (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فهذا الأمر غير صحيح.
كما يثبت بطلان الأحاديث المختلفة التي نقلتها بعض مصادر أهل السنة وكذبها في تفسير هذه الآية، والتي تزعم أن الآية (1) نزلت في شأن أخذ النبي وبعض المسلمين الفدية مقابل أسرى الحرب بعد معركة بدر، وقبل أن يأذن الله بذلك. وأن الذي خالف هذا الأمر وطالب بقتل الأسرى هو عمر فحسب - أو سعد بن معاذ - وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في حق عمر: لو نزل العذاب علينا لما نجا منه إلا عمر - أو سعد بن معاذ -.
فإن جميع ذلك عار من الصحة ولا أساس له، وإن تلك الروايات بعيدة كل البعد عن تفسير الآية، وخاصة أن أمارات الوضع ظاهرة على هذه الأحاديث تماما.
2 - إن الآيات محل البحث لا تخالف أخذ الفداء وإطلاق سراح الأسرى إذا اقتضت مصلحة المجتمع الإسلامي ذلك، بل تقول هذه الآيات: إنه لا ينبغي على المجاهدين أن يكون همهم الأسر من أجل الفداء، فبناء على ذلك فهي تنسجم وتتفق والآية (4) من سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من جميع الوجوه، إذ تقول تلك الآية فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء.
إلا أنه يجب الالتفات إلى مسألة مهمة هنا، وهي: إذا كان بين الأسرى من يثير إطلاق سراحهم فتنة نشوب نار الحرب، ويعرض انتصار المسلمين للخطر، فيحق للمسلمين أن يقتلوا مثل هؤلاء الأشخاص، ودليل هذا الموضوع كامن في الآية محل البحث ذاتها، بقرينة " يثخن " والتعبير في الآية (4) من سورة