أصحابه بعيني.
ثم أمر النبي أن ينزل أصحابه إلى بئر بدر " وبدر في الأصل اسم رجل من قبيلة جهينة حفر بئرا في ذلك الموضوع فسميت باسمه، وسميت الأرض بأرض بدر أيضا ".
وفي هذه الأثناء استطاع أبو سفيان أن يفر بقافلته من الخطر المحدق به، واتجه نحو مكة عن طريق ساحل البحر الأحمر غير المطروق، وأرسل رسولا إلى قريش: إن الله نجي قافلتكم، ولا أظن أن مواجهة محمد في هذا الظرف مناسبة، لأن له أعداء يكفونكم أمره. إلا أن أبا جهل لم يرض باقتراح أبي سفيان وأقسم باللات والعزى أنه سيواجه محمدا، بل سيدخل المدينة لتعقيب أصحابه أو سيأسرهم جميعا ويمضي بهم لمكة، حتى يبلغ خبر هذا الانتصار آذان العرب.
وأخيرا ورد جيش قريش أرض بدر وأرسلوا غلمانهم للإستقاء من ماء بدر، فأسرهم أصحاب النبي وأخذوهم للتحقيق إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألهم النبي: من أنتم؟ فقالوا: يا محمد نحن عبيد قريش، قال: كم القوم؟! فقالوا: لا علم لنا بعددهم، قال: كم ينحرون في كل يوم جزورا؟ فقالوا: تسعة إلى عشرة.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): القوم تسعمائة إلى ألف (كل مئة يأكلون بعيرا واحدا).
كان الجو مكفهرا بالرعب والوحشة، إذ كان جيش قريش معبأ مدججا بالسلاح، ولديه المؤونة والعدد، حتى النساء اللائي ينشدن الأشعار والمغنيات اللائي يثرن الحماسة. وكان جيش أبي جهل يرى نفسه أمام طائفة صغيرة أو قليلة من الناس، ولا يصدق أنهم سينزلون الميدان.
فلما رأي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أصحابه قلقون وربما لا ينامون الليل من الخوف فيواجهون العدو غدا بمعنويات مهزورة قال لهم كما وعده الله: لا تحزنوا فإن كان عددكم قليلا فإن الله سيمدكم بالملائكة، وسرى عن قلوبهم حتى ناموا ليلتهم مطمئنين راجين النصر على عدوهم.