فبناء على هذا فإن ذات الشوكة تعني الجماعة المسلحة، وغير ذات الشوكة تعني الجماعة غير المسلحة، ولو اتفق أن يوجد فيها رجال مسلحون فهم معدودون لا يكترث بهم. أي أن فيكم من يرغب في مواجهة العدو غير مسلحة، وذلك بمصادرة أموال تجارته، وذلك ابتغاء الراحة أو حبا منه للمنافع المادية، في حين أن الحرب أثبتت بعد تمامها أن الصلاح يكمن في تحطيم قوى العدو العسكرية، لتكون الطريق لاحبة لانتصارات كبيرة في المستقبل، ولهذا فإن الآية تعقب بالقول ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين (1).
فعلى هذا، كانت واقعة بدر درسا كبير للمسلمين للإفادة منه في الحوادث الآتية، ويؤكد لهم أن يتدبروا عواقب الأمور، ولا يكونوا سطحيين يأخذون بالمصالح الآنية، وبالرغم من أن بعد النظر يقترن بالمصاعب عادة، وقصر النظر على العكس من ذلك يقترن بالمنافع المادية والراحة المؤقتة، إلا أن النصر في الحالة الأولى يكون شاملا ومتجذرا، أما في الحالة الثانية فهو انتصار سطحي موقت.
ولم يكن هذا درسا لمسلمي ذلك اليوم فحسب، بل ينبغي لمسلمي اليوم أن يستلهموا من ذلك التعليم السماوي، فعليهم ألا يغضوا أبصارهم عن المناهج الأصولية بسبب المشاكل والأتعاب ويستبدلوها بمناهج غير الأصولية قليلة الأتعاب.
وفي آخر آية يماط اللثام عن الأمر بصورة أجلى، إذ تقول الآية الكريمة ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
ترى هل الآية هذه تأكيد لما ورد في الآية السابقة، كما يبدو لأول وهلة، أم هو موضوع جديد تتضمنه الآية؟!